نوباتُ الصَّرع هي أعراضٌ تنجم عن وجود مشكلةٍ دماغية؛ وهي تحدث بسبب نشاطٍ كهربائي مفاجئ غير سليم في الدماغ. عندما يتصوَّر الإنسانُ شخصاً مُصاباً بنوبة الصرع، فإنَّه يتصوَّر شخصاً يختلج جسمُه اختلاجاً عنيفاً بصورة يتعذَّر ضبطها. وفي الواقع، لا تسبِّب كلُّ أنواع الصرع اختلاجاً، حيث يوجد الكثيرُ من أنواع الصرع، وبعضُها تكون أعراضُه خفيفة. ومن الممكن تصنيفُ نوبات الصرع ضمن مجموعتين: نوبات الصرع البُؤَريَّة (وتُدعى نوبات الصرع الجزئية)، وهي تحدث في جزء محدَّد تماماً من الدماغ؛ ونوبات الصرع المُعَمَّمة التي تنجم عن نشاط شاذٍّ في جانبي الدماغ معاً.
تستمرُّ معظمُ نوبات الصرع من نصف دقيقة إلى دقيقتين، وهي لا تسبِّب أضراراً دائمة. ولكنَّ نوبةَ الصرع تُعدُّ حالةً إسعافية إذا استمرَّت أكثرَ من خمس دقائق، أو إذا كان المريضُ يُصاب بكثير من النوبات ولا يصحو في الفترات الفاصلة بينها. إنَّ لنوبات الصرع أسباباً كثيرة، بما فيها الأدويةُ والحُمَّى الشديدة وإصابات الرأس وبعض الأمراض. ولا يُعدُّ الشخصُ مُصاباً بالصرع إلاَّ إذا كان يعاني من نوبات صَرعيَّة مستمرَّة بسبب اضطراب دماغي.
مُقدِّمة
لقد تمَّ تشخيصُ الملايين من الأطفال حول العالم ممن يعانون من الصرع أو تعرَّضوا لنوبة اختلاجيَّة (تشنُّجات).
يعاني الطفلُ في أثناء النوبة من حركات أو انفعالات لا يستطيع السيطرة عليها. وقد يصرخ أو يسقط مغشِياً عليه أو ينتفض بعنف.
نقول بأنَّ الطفلَ مُصاب بالصرع إذا تعرَّض لأكثر من نوبة اختلاجيَّة بسبب اضطراب دماغي. ويستخدم الناسُ مصطلح الاختلاج للإشارة إلى الصرع أحياناً.
الصرعُ هو أحد أقلِّ الأمراض فهماً من قبل الناس. ولذلك، يشرح هذا البرنامج التثقيفي أعراضَ الصرع وأسبابه وطرق معالجته. كما أنَّه يشرح أيضاً ما الذي يُمكن فعلُه عند حدوث نوبة اختلاجيَّة أو صرعيَّة، وكيف يمكن التعايش مع الصرع، وكيف يمكن الوقاية من نوباته.
ما هو الصَّرع؟
الدماغُ هو مركز التحكُّم في الجسم؛ وهو يتكوَّن من جزأين رئيسيين هما: النصف الأيمن والنصف الأيسر. يسيطر الجانبُ الأيمن من الدماغ على الجانب الأيسر من الجسم، بينما يتحكَّم الجانبُ الأيسر من الدماغ بالجانب الأيمن من الجسم.
تنتقل التوجيهاتُ حول حركة الجسم وعمل أعضائه من الدماغ إلى العضلات وأجزاء الجسم الأخرى بواسطة الأعصاب.
تتحكَّم مناطقُ محدَّدةٌ من الدماغ بمناطق معيَّنة من الجسم، حيث تتحكَّم بعضُ المناطق بالرؤية مثلاً، بينما تتحكَّم مناطق أخرى بوظائف أخرى مثل الذاكرة والحركة والإحساس. وهناك مناطق أخرى تُدعى “المناطق الصامتة”، لأنَّ العلماء لم يحدِّدوا وظائفها بعد.
تتكوَّن الأعصابُ من خلايا صغيرة تُسمَّى العَصَبونات أو الخلايا العصبية. وكي يقوم الدماغُ بعمله في الشعور والتفكير وإصدار الأوامر للعضلات، تقوم العصبونات بإطلاق إشارات كهربائيَّة وكيميائية إلى بعضها البعض.
تحدث النوباتُ الصَّرعيَّة بسبب نشاطٍ كهربائي غير طبيعي في الدماغ.
يعاني الشخصُ المُصاب بالاختلاج من أعراض تختلف باختلاف المنطقة المُصابة من الدماغ؛ فإذا أُصيبت المنطقةُ التي تتحكَّم بالعضلات مثلاً، فإنَّ العضلات تُصبح خاملة، أو تنتفض من دون تحكُّم.
قد يعاني الطفلُ من نوبةِ اختلاج واحدة خلال حياته. أمَّا الصرع فهو أن يعاني الطفلُ من نوبات متكرِّرة تُعزى إلى مرض خفيٍّ في الدماغ.
أسباب الصرع
تبقى نصفُ حالات الاختلاج جميعها مجهولةَ السبب، بينما يرتبط النصفُ الآخر بأمراض أو إصابات في الدماغ.
ينمو الدماغُ بشكل كبير خلال مرحلة التكوُّن الجنيني والسنوات الأولى من الطفولة، ويكون مُعرَّضاً في أثناء هذا النموّ لخطر الإصابة بأمراض مُعيَّنة يمكن أن تكون ناجمة عن العدوى أو نقص التغذية أو نقص الأكسجين. ويترافق بعضُ هذه الأمراض مع الصَّرع.
تتنامى العَصَبوناتُ في الدماغ إلى شبكات مُعقَّدة من الأسلاك؛ وإنَّ أيَّ خلل في التوصيل خلال هذه المرحلة قد يؤدّي إلى الإصابة بالصَّرع.
يقوم الدماغُ بترميم نفسه بعد إصابات الرأس الناجمة عن حادث أو بعد إصابته بسكتة دماغية، وذلك بصنع وصلات أو أسلاك جديدة. وإذا كانت الوصلاتُ الجديدة غير طبيعية، فإنَّها يمكن أن تسبِّب الاختلاجات.
يمكن أن تسبِّب بعضُ أمراض الدماغ الصَّرعَ، كاستسقاء الرَّأس أو استسقاء الدماغ والتهاب السحايا.
يمكن أن يؤدِّي تسمُّمُ الدماغ، كالتسمُّم بالرصاص والتسمُّم بغاز أوَّل أُكسيد الكربون، إلى الاختلاج أيضاً.
كما يُسبِّب تعاطي المُخدرات واستعمال جرعات زائدة من الأدوية المضادَّة للاكتئاب حدوثَ النوبات الصَّرعيَّة أيضاً.
تظهر عند الأشخاص المسنِّين أمراضٌ دماغية، كالأورام والسكتات والأمراض المُعدية والنزوف. وهذه الأنواعُ من الأمراض يمكن أن تؤدِّي إلى الصرع.
تميل بعضُ أنواع الصرع إلى الانتقال ضِمن العائلات، ممَّا يفترض أسباباً وراثيةً للصرع أيضاً.
أنواعُ النوبات الصرعيَّة
بسبب تعقيد البنيَة الدماغيَّة ووظائفها، هناك أكثر من اثنَي وثلاثين نوعاً من النوبات الصرعيَّة. كما أنَّ هناك كثير من الكلمات المختلفة للتعبير عن هذه النوبات، ومنها:
- الاختلاجات أو التشنُّجات.
- النَّوبات الصَّرعِيَّة.
- النَّوبات الصَّرعِيَّة التَوَتُّرِيَّة الرَمَعِيَّة.
تستمرُّ معظمُ النوبات الصَّرعيَّة ما بين بضع ثوان إلى بضع دقائق، ثم تتوقَّف من تلقاء نفسها.
تُسمَّى النوباتُ الصَّرعيَّة التي تقتصر على جزء واحد من الدماغ النوبات الصَّرعيَّة الجزئية أو الصرع الجزئي أو البؤري. وتُسمَّى هذه النوبات تِبعاً للمنطقة من الدماغ التي تبدأ منها. وقد يمرُّ الطفل في الصرع الجزئي بانفعالات مفاجئة، كالسرور أو الحزن، أو بأحاسيس مفاجئة، من شمٍّ أو سمع أو رؤية.
هناك نوعٌ آخر من الصرع الجزئي يُسمَّى الصرع الجزئي أو البؤري المُعقَّد. ويمكن أن يُظهر الطفلُ خلال هذا النوع من الصرع تصرُّفات غريبة متكرِّرة، كأن يطرف بعينيه أو يتحرَّك في دائرة أو يضرب على الجدران أو يحرِّك ذراعه أو ساقه دون أن يستطيع التحكُّمَ بهذه الحركة.
تُدعى النوباتُ الصَّرعيَّة التي تنتشر إلى بقية أنحاء الدماغ اختلاجاتٍ مُعَمَّمة. وتؤدّي هذه الاختلاجاتُ بالشخص إلى:
- فقدان الوعي “الغيبوبة”.
- السقوط.
- تشنُّج العضلات.
- ارتجاج العضلات في كلِّ أنحاء الجسم.
- التحديق في الفضاء، وفقدان الاتِّصال مع العالم الواقعيِّ لعدَّة ثوان.
ليس جميعُ الأطفال الذين لديهم اختلاج مُصابين بالصرع؛ حيث يعاني بعضُ الأطفال من نوبة اختلاجيَّة واحدة في وقتٍ ما من حياتهم، ثم لا يعانون من نوبةٍ أُخرى إطلاقاً.
يُصاب الطفلُ بالاختلاج أحياناً في أثناء مرض يترافق مع ارتفاع كبير في درجة حرارته. ولا تعود هذه الاختلاجاتُ للظهور ثانية في معظم الحالات، ما لم يكون هناك ضررٌ في الدماغ.
يُظهر الدماغُ، عندما يتعرَّض الشخصُ لنوبة صرعيَّة، نَشاطاً كهربائياً غير طبيعي يمكن قياسُه من قبل الطبيب بواسطة جهاز يُسمَّى جهاز تخطيط كهربائيَّة الدماغ.
يُبدي بعضُ الأطفال تصَرُّفات شبيهة بالاختلاج دون أيَّة فعَّالية كهربائية غير طبيعية. ويُسمَّى هذا النوعُ من الاختلاج بالاختلاج غير الصرعيِّ أو الاختلاجات الكاذبة. وربَّما تُعزى هذه الاختلاجات إلى أسباب نفسيَّة، كالشدَّة أو الحاجة إلى لَفت الانتباه.
يستطيع بعضُ الأطفال إخبارَ ذويهم بأنَّهم على وشك التعرُّض لنوبة اختلاج، لأنَّهم يشعرون بشعور خاصٍّ قبل بدء النوبة؛ وهذا ما يُسمَّى “النَّسمة”؛ وأكثرُ النسمات مصادفةً هي شمُّ رائحة تُشبه المطاط المُحترِق.
تشخيص الصرع
يقوم الطبيبُ بأخذ تاريخ مرضيٍّ دقيق للمريض، ويطلب إجراءَ بعض الفحوص الدمويَّة، كما يستخدم مجموعةً أُخرى من الفحوص الطبِّية المُختلفة كي يُقرِّر ما إذا كان الشخصُ مُصاباً بالصرع أم لا.
الاختبارُ الذي يُجرى لتشخيص الصرع عادة هو تخطيط كهربائيَّة الدماغ؛ حيث يُسجِّل هذا الاختبار الأمواجَ الدماغيَّة. ويستطيع الطبيبُ أن يقرِّر، في مُعظم الحالات، ما إذا كان للدماغ فعَّالية كهربائيّة غير طبيعيَّة مُصاحبة للاختلاج عن طريق قراءة مخطَّط كهربائيَّة الدماغ.
تُوضَع في أثناء التخطيط أقطابٌ كهربائيَّة على فروة الرأس، حيث تقوم بالتقاط موجات الدماغ وتسجيلها. وهذا الاختبارُ غير مُؤلم. ولكن، قد يطلب الطبيبُ إجراءَ هذا التخطيط أيضاً عندما يكون المريضُ نائماً.
كما قد يلجأ الطبيبُ أيضاً إلى اختبار يُسمَّى تخطيط مغناطيسيَّة الدماغ. والغرضُ من هذا الاختبار مُشابهٌ لتخطيط كهربائيَّة الدماغ، عدا عن أنَّه يقيس إشارات الدماغ المغناطيسية بدلاً من الكهربائيَّة؛ وهو لا يحتاج، بسبب هذا الفرق بالذات، إلى وضع أقطاب على فروة الرأس، ويستطيع التقاطَ الموجات من مناطق عميقة في الدماغ أكثر ممَّا يستطيع تخطيط كهربائيَّة الدماغ.
وقد يطلب الطبيبُ أيضاً تصويراً طبقياً محورياً أو تصويراً بالرنين المغنطيسيِّ أو تصويراً مَقطَعِيَّاً بِالإِصدار البوزيترونيِّ من أجل رؤية البنى داخل الدماغ. وتتيح هذه الاختباراتُ للطبيب رؤية البنى أوالتراكيب الداخلية، كالأورام والكيسات، والتي قد تكون سببَ الاختلاجات.
علاج الصرع
يُمكن السيطرةُ على النوبات الصَّرعيَّة عند أكثر من ثمانين بالمائة من الأطفال المُصابين بالصرع عن طريق الأدوية.
يستطيع الطبيبُ، بعد تشخيص نوع الصرع، أن يختارَ واحداً من بين أربعة وعشرين دواءً مختلفاً متوفِّراً للسيطرة على الاختلاج. ويعتمد اختيارُ الدواء عادة على نوع الصرع وعمر المريض وحالته الصحيَّة.
يقوم الطبيبُ بوصف الدواء، ثمَّ يقوم بتعديل الجرعة حسب استجابة المريض، حيث يبدأ بجرعة مُنخفضة عادة، ثم يزيدها إذا دعت الضرورة، بعد كلِّ اختبار دمويٍّ.
يقرِّر الطبيبُ ما إذا كان الطفلُ يستطيع التوقُّفَ عن تناول الدواء أم لا، استناداً إلى تشخيص الحالة عند الطفل. وهذا يعتمدُ على تخاطيط كهربائيَّة متعاقبة للدماغ، وكذلك على طول الفترة التي تمرُّ على الطفل دون أن يُصاب بأيَّة نوبة اختلاجيَّة.
يمكن أن يعاني الطفلُ من نوبات اختلاجيَّة أكثر وأصعب معالجةً إذا توقَّف عن تناول الدواء فجأة.
الآثارُ الجانبية لأدوية الصرع غير خطيرة نسبياً، ومنها:
- التعب.
- زيادة الوزن.
- الدوخة.
- الاكتئاب.
إذا وصف الطبيبُ دواءً للصرع، فإنَّه يقوم بشرح منافع هذا الدواء ومخاطره المُحتملة.
قد يتحسَّس بعضُ الأطفال من أدوية مُعيَّنة. ولذلك، يجب الاتِّصالُ بالطبيب فوراً إذا ظهر أيُّ طفح جلدي بعد تناول الدواء.
يمكن لنظام غذائيٍّ خاص غنيٍّ بالدُّهون وفقير بالسكَّريات أن يساعد على تخفيف تكرار النوبات في بعض حالات الاختلاج عند الأطفال. ولكن، يجب أن تتمَّ هذه المعالجةُ تحت إشراف طبِّي للاطمئنان بأنَّ الطفل يتلقَّى تغذية مناسبة.
قد يكون اللجوءُ إلى عملية جراحية على الدماغ أمراً جديراً بالبحث عندما تفشل المعالجةُ الدوائية في السيطرة على الاختلاج؛ حيث يحاول الجرَّاحُ في هذه العملية إزالةَ الجزء من الدماغ المسؤول عن الإشارات الكهربائية غير الطبيعية، وهذا الجزءُ هو الذي يسبِّب الاختلاجات. ولكنّ هذه العملية تفيد أقل من نصف مجموع مرضى الصرع.
هناك عمليةٌ أُخرى قد يتمُّ اقتراحها، وهي عمليةُ تنبيه العصب المُبهم؛ حيث يقوم الجرَّاحُ في هذه العملية بزرع جهاز كهربائي تحت الجلد في منطقة أعلى الصدر في الجهة اليُسرى. ويقوم هذا الجهازُ بتنبيه أو تنشيط عصب كبير في الرقبة يُدعى العصبَ المُبهم. وتساعد عملية التنبيه عند بعض المرضى على تخفيف حالات الاختلاج غالباً؛ ولكنَّ هذه العملية ليست مثالية لجميع مرضى الصرع.
الحياةُ مع الصَّرع
يستطيع مُعظمُ مرضى الصرع أن يعيشوا حياةً طبيعية إذا تمَّت السيطرةُ على الاختلاجات. ولكنَّ المرضى الذين قد تظهر لديهم نوباتُ اختلاج، رغم المعالجة، هم بحاجة للحذر، لأنَّ هذه النوبات قد تؤثِّر في حياتهم اليومية.
قد يكون اليافعون الذين يعانون من اختلاجات، رغم المعالجة، غير قادرين على قيادة السيَّارات أو تشغيل الآلات الخطيرة. ولا تُعطي مُعظمُ الدول رخصةَ قيادة سيَّارة لشخص يُعاني من الصرع، ما لم يكن قادراً على إثبات أنَّه لم يتعرَّض لأيَّة نوبات خلال فترة مُعيَّنة من الزمن. ويختلف طولُ هذه الفترة من دولة إلى أخرى.
قد يكون من الضروري اقتصارُ الأنشطة المدرسيَّة والهوايات على تلك التي لا تُشكِّل خطراً على الطفل الذي يفقد وعيَه أو انتباهه لبضع لحظات. ومن الأمثلة على الأنشطة والهوايات التي قد يكون من الضروريِّ تجنُّبها:
- تسلُّق الجبال.
- قيادة العربات.
ومن الأنشطة والألعاب الرياضيَّة التي يمكن القيامُ بها تحت المراقبة والإشراف:
- السباحة.
- ركوب الدرَّاجات العاديَّة.
هناك الكثيرُ من الأنشطة والألعاب الرياضيَّة الآمنة بالنسبة لمريض الصرع، كالهَرولة والكُرة الطائرة. ولكن، يجب تجنُّبُ الألعاب الرياضيَّة التي تتضمَّن احتكاكاً، لأنَّ أقلَّ صدمة يمكن أن تُثير نوبة الاختلاج. لذلك، قد لا يكون من الحكمة لمريض الصرع أن يلعب كُرة القدم أو الهوكي.
يبدو تأثيرُ الاختلاج غير المضبوط أكثرَ وضوحاً عند الأطفال واليافعين، لأنَّهم قد لا يكونون قادرين على مواصلة تعليمهم بطريقة طبيعية.
قد يحتاج الأطفالُ الذين يتناولون أدويةَ الصرع إلى فترة أطول للتعلُّم وأداء واجباتهم المدرسيَّة، لأنَّ بعض أدوية الصرع تُؤثِّر في الذاكرة والقدرة على التركيز.
ينبغي على المراهقين المُصابين بالصرع تجنُّبُ المشروبات الكحولية والعقاقير المحظورة؛ لأنَّ هذه المواد تزيد بشكل ملحوظ من احتمال حدوث نوبة الاختلاج.
كيفيَّة التعامل مع المريض في أثناء النوبة؟
يمكن أن تستمرَّ نوبةُ الاختلاج من بضع ثوان فقط إلى بضع دقائق. تتوقَّف مُعظمُ النوبات من تلقاء نفسها. ولكن، قد تستمرُّ النوبةُ عدَّةَ ساعات في حالات نادرة؛ وفي هذه الحالة لابدَّ من تدخُّل طبيٍّ عاجل.
يجب حمايةُ الطفل من إيذاء نفسه في أثناء النوبة، حتَّى يستعيد وعيَه والتحكُّمَ بجسده.
وهذه بعضُ النصائح التي تمكِّنُنا من التقليل من احتمال تعرُّض الطفل للأذى في أثناء النوبة:
- وضع الطفل في وضعية الاضطجاع على الأرض أو على سطح مستوٍ.
- وضع شيء طريٍّ تحت رأس الطفل كوسادة أو سواها.
- إمالة الرأس بلُطف إلى أحد الجانبين لمنع استنشاق القيء إلى الرئتَين عندما يتنفَّس الطفل.
يجب إبعادُ أيِّ شيء قد يسبِّب الأذى للطفل أو للآخرين عن متناول يد الطفل، كالأدوات الحادَّة أو قطع الأثاث أو الماء المغلي أو سواها، وذلك إذا كان الطفل مُشوَّشاً أو مُرتبكاً في أثناء النوبة.
يجب الامتناعُ عن القيام بالأمور التالية في أثناء النوبة الاختلاجيَّة:
- محاولة حشر أيِّ شيء في فم الطفل.
- إعطاء الماء أو الأدوية، وذلك حتَّى تتوقَّف النوبة.
- محاولة التحكُّم بحركة الطفل وتهدئته.
يستطيع الناسُ المصابون بالصرع ممارسةَ حياةٍ طبيعية ومنتجة، وهم يعودون إلى أنشطتهم الاعتياديَّة بعد النوبة. ولكنَّ الاختلاج يستمرُّ في بعض الحالات، أو أنَّ المريض لا يستعيد وعيه بين النوبات. وفي هاتين الحالتين، يجب طلبُ الإسعاف فوراً.
يجب طلبُ الإسعاف وإجراء إنعاش قَلْبِيٍّ رئَوِيٍّ إذا توقَّف المريضُ عن التنفُّس.
الخُلاصَة
الصرعُ اضطرابٌ في الدماغ، يؤثِّر في ملايين الناس في جميع أنحاء العالم. والاختلاجاتُ هي من أعراض الصرع، ولكن ليست جميع الأعراضُ الشبيهة بالاختلاج يكون الصرعُ سببَها.
هناك أنواعٌ عديدة من الاختلاجات والصرع. ويجب مُراجعةُ الطبيب لوضع تشخيصٍ دقيق وتحديد المعالجة المناسبة.
لقد أصبح الصرعُ مفهوماً أكثر بكثير ممَّا كان قبل خمسين عاماً، وذلك بفضل التطوُّر الكبير في الطبِّ؛ فالصرعُ ليس مرضاً عقلياً، ولا يسبِّب التخلُّف العقلي.
يمكن السيطرةُ على مُعظم حالات الصرع بواسطة الأدوية، ممَّا يتيح للطفل أن يعيشَ حياةً طبيعية مُنتجة دون أيِّ مبرِّر للشعور بالعار أو الارتباك.
نقلا عن : موسوعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمحتوى الطبي